الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
94187 مشاهدة print word pdf
line-top
معنى قوله تعالى: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا

...............................................................................


ثم قال تعالى: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا كانوا في الجاهلية، وكان بعض المنافقين يكره أحدهم مملوكته على الزنا؛ حتى تتكسب له؛ فيقول: اذهبي فابغي لنا. البغاء: هو الزنا، والبغي هي الزانية. يكرهها ويلجئها إلى أن تذهب وتزني مقابل أن تحصل على عوض ذلك الزنا الذي هو مهر البغي، ومعلوم أنه حرام، مهر البغي حرام.
ففي هذا أنه حرم أن الرجل يكره أمته ومملوكته حتى تزني، إذا زنت جاءت له بمال يقول: لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا يعني: تكرهها لأجل أن تأتي لك بعرض يسير من متاع الدنيا، هذا العرض الذي تأتي به حرام وسحت؛ لأنه من كد فرجها؛ فتأكل أنت هذا الحرام موجب أنك تلجئها وتكرهها، لا شك أن هذا أكل حرام، وأنه إلجاء إلى هذه المسكينة التي لا تقدر أن تتمنع؛ إذ كانوا يضربونها ويقولون: اذهبي فابغي لنا، اذهبي فازني؛ حتى تأتي لنا بكسب.
أسقط الله الحد عنها؛ لأنها مكرهة فقال: وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ -أي: لهن- غَفُورٌ رَحِيمٌ لأن المكرهة ملجأة وغير مكلفة؛ فتكون بذلك ملجأة على فعل لا تستطيع أن تتمنع منه.
فالحاصل أن في هذه الآيات الحث للمؤمنين على أسباب التعفف، وإبعادهم عما يقربهم من الحرام، أو الوقوع في شيء من المحرمات أو وسائلها، وذلك بحفظ الأبصار وحفظ النساء وحفظ المحارم عن أن يقعن في شيء من الفحش الذي ذكر الله تعالى عقوبته في أول السورة في قوله تعالى: فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ فلما ذكر الله تعالى الزنا؛ ذكر الوسائل التي تحمي عنه، والتي توقع فيه حتى يكون المؤمن حذرا عن أن يقع في فاحشة، أو يقع في وسيلة توقعه في هذه الفاحشة، والله تعالى أعلم، وصلى الله على محمد .

line-bottom